hashtagseed.com
ولـِـمَ كــل ذلــك؟!! ألا يوجد ولو سبب واحد فقط يجعل المودة هي الغالبة، لماذا ننظر دومـا إلى نصف الكوب الفارغ؟ فنتصور أن لا يوجد غيره في حين أنه يوجد نصف آخر مماثل تماما ومع ذلك ممتلئ!! قال ابن عثيمين رحمه الله: "المحبة لها أسباب، والبغضاء لها أسباب، فابتعد عن أسباب البغضاء وأكثِر من أسباب المحبة، فمثلاً إذا كنت أبغضت شخصاً لأنه عمل عملاً ما، فاذكر محاسنه حتى تزيل عنك هذه البغضاء، وإلا ستبقى على ما أنت عليه من بغضائه، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: « لاَ يَفرك مؤمِن مؤمِنَة إِن كَرِهَ مِنهَا خُلُقَاً رَضيَ مِنهَا خُلُقاً آخر » أي لا يبغض الرجل زوجته لأنها أساءت في خلق واحد، بل يقارن: إن كره خلقاً منها رضي منها خلقاً آخر. كذلك المحبة: يذكر بقلبه ما يكون سبباً لمحبة الرجل من الخصال الحميدة والآداب العالية وما أشبه ذلك. فالبغضاء لها سبب والمحبة لها سبب، فليفعل أسباب المحبة وليتجنب أسباب البغضاء". وما أجمل قول الله سبحانه وتعالى: { وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [ النساء: 19]. يقول ابن كثير في تفسيره: "أي طيبوا أقوالكم لهن وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم كما تحب ذلك منها فافعل أنت بها مثله... وكان من أخلاقه صلى الله عليه وسلم أنه جميل العشرة دائم البشر؛ يداعب أهله؛ ويتلطف بهم ويوسعهم نفقة ويضاحك نساءه حتى إنه كان يسابق عائسة أم المؤمنين رضي الله عنها يتودد إليها بذلك... وقوله تعالى: { فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} أي فعسى أن يكون صبركم في إمساكهن مع الكراهة فيه خير كثير لكم في الدنيا والآخرة، كما قال ابن عباس في هذه الآية هو أن يعطف عليها فيرزق منها ولدا ويكون في ذلك الولد خير كثير" ( تفسير ابن كثير).
فالشاهد أنه إذا كان الرجل بهذه المثابة فالمرأة من باب أولى، مسكينة، ضعيفة، تحمل وإذا حصل لها الحمل حصل لها ضمور في المخ، لا تستطيع التركيز، تتشتت وتنسى وتضيع، وتبقى في حالة الحيض متوترة، والرجل لابد أن يقدر هذا، ولذلك أولئك الذين يطلقون أبصارهم في النظر إلى القنوات والصور الفاتنات على أغفلة المجلات يتعبون كثيراً، فهم يجنون على أنفسهم، ولذلك فإن الكثيرين من هؤلاء يتعثر في حياته الزوجية، يشعر أنه ما حصل له مقصوده من الزواج، بينما الذي لا يعرف إلا هذه المرأة هو عفيف البصر، عنده أن هذه المرأة ما شاء الله تبارك الله، وإذا حصلت مع هذا التقوى فهذا هو الكمال، لأن هذا الإنسان ينبغي له أن ينظر بنظر متكامل، من الناس من ينظر إلى العيوب لاسيما إذا نفر وانقبضت نفسه، ينظر إلى العيوب والزلات والعثرات، والتقصير فلا يرى في هذه المرأة إلا العيوب، كم من رجل أراد أن يطلق امرأته ويصفها بأبشع الأوصاف، فنسأله أحياناً أليس فيها أي وصف طيب؟، فيقول: إلا فيها، ما يتمحض للشر إلا الشيطان، فنقول له: عدد لنا هذه الأوصاف الطيبة التي فيها، فيبدأ يعدد أشياء كثيرة، وما هي الأوصاف السيئة التي فيها؟، أحيانا تكتشف أنها قضية واحدة في نظره، هو أنها في لونها مثلاً كذا، أي: الأمر يتعلق بحسنها وجمالها، أو يتعلق بأمور كهذه قليلة واحدة أو اثنتين، وهذه المحاسن التي عندها كثير، تسأله كيف خُلق المرأة؟ يقول لك: خلقها طيب، أنا ما أظلمها، كيف طاعتها لك؟، قال: تطيعني، طيب أنت حينما أتيت تصف وتتكلم كأنك قد ابتليت بامرأة هي شر محض من كل وجه، لا علاج لها إلا الخلاص منها.
أسأل اللهَ أن يُديمَ المحبَّة والوِئام بيْن الأزواج، وأن يُوفِّق الجميع لما فيه صلاحُ نيَّاتهم وذرياتهم، إنَّه سميعٌ مجيب. أقول ما تسمعون وأستغفرُ الله. الخطبة الثانية الحمدُ لله ربِّ العالمين. لا يختصُّ دَمْحُ النقائص واستغفالُها، والنظرُ في الكمالات واستذكارُها بالزَّوجين فقط، بل هو منهجُ حياةٍ شاملٌ بيْن القرابات والأقران، والجيران وسائرِ الإخوان؛ قال السعدي - رحمه الله -: "وهذا الأدب الذي أرْشَد إليه - صلَّى الله عليه وسلَّم - ينبغي سلوكُه واستعماله مع جميع المعاشَرِين والمعامَلِين؛ فإنَّ نفعه الدِّينيَّ والدنيويَّ كثيرٌ، وصاحبه قد سعَى في راحة قلْبه، وفي السبب الذي يُدرِك به القيامَ بالحقوق الواجِبة والمستحبَّة؛ لأنَّ الكمال في الناس متعذِّر، وحسْبُ الفاضلِ أن تُعدَّ معايبُه، وتوطينُ النفْس على ما يجيء من المعاشَرين مما يُخالِف رغبةَ الإنسان يُسهِّلُ عليه حُسنَ الخُلُق، وفِعْلَ المعروف، والإحسانَ مع الناس، والله الموفِّق"؛ انتهى كلامه. هذا، وصلُّوا وسلِّموا.